[center]يرتكب العديد من الشباب أخطاء فادحة ويكررونها فى علاقات غير صحيحة وغير صحية , وعادة ما يكون السبب فى هذا أن الشباب , وأيضا بعض الناضجين بينه وبين الخبرات والمشاعر الأخرى , وبالتالى ليس لديهم مقياس لتقييم العلاقات التى يسمعون وراءها أو القرارات المصيرية التى يتخذونها فى رحلة البحث عن الحب الحقيقى... قد يغرق البعض فى الدعوة الى " ثقافة الجنس " وتعليمه وشروط أمانة , فى مجتمع مهدد بالإيدز والأمراض الأخرى المشابهة... ولكن ما نحتاجه كمجتمع بالأكثر هو " ثقافة الحب " ما هو الحب , وما هى أشباه الحب , أو ما هو ليس حبا , وما هو الفهم والإدراك الحقيقى والكتابى للحب....
نبدأ بما هو ليس حب ...
1- الحب الحقيقى ليس هو الشهوة:
قال أحد مغنى الروك الشهيرين فى ملاحظة دققية وعميقة النظر : " فى أيامنا هذه , أصبح موضوع الأغانى الرئيسى هو الشهوة الجنسية وليس الحب "... دائما يختلط مفهوم الحب بالشهوة... لكن الحب يعطى أما الشهوة فتأخذ... الحب يأخذ والشهوة تستغل... الحب يثبت ويستمر والشهوة تخبو وتنطفىء.. إذن الحب الحقيقى ليس هو التلف الجنسى.
2- الحب الحقيقى ليس هو الرومانسية:
تشتعل قلوب بعض الشباب والشابات عند أستماعهم لكلام يقال بطريقة شاعرية... قد تغرق فتاة فى السعادة والرضا الداخلى لمثل هذه الكلمات... ربما تدفع بعض الفتيات شابا لأن يشعر بأنه أكثر طولا وقوة بمجرد النظر بشاعرية فى عينية... ناهيك عن العشاء على أضواء الشموع , والتمشيات تحت سماء صافية مملؤة بالنجوم , الأوقات الهادئة على نغمات الموسيقى الهادئة.... كل هذا قد يجعل من الأوقات لحظات فريدة جدا ولا تنسى.... وقصورة وتعرف أخطاءه , وبالرغم من كل هذا فأنت تتقبلة بكل ما هو عليه بدون أى شروط أو متطلبات حتى تحبه.... ليس هناك ثمن للحصول على هذا الحب وليس هناك سبب يجعلنا نفقده... " الحب وبس " يختلف عن حب "لو" , لأنه لا يطلب شروطا لمنحة , ويختلف عن حب "لأن" , لأنه لا يمنح بسبب جاذبية الشخص الآخر... هذا الحب إذن – " الحب وبس " – هو علاقة عطاء كل مايدور حوله هو البذل.... أما النوعان الآخران فكل ما يعنيهما هو الأخذ.
المنظور الكتابى للحب الحقيقى:
" الحب وبس " هو الحب الوحيد الحقيقى وهو الحب الصادق الوحيد وهو الحب الوحيد الإنجيلي طبقا للكتاب المقدس... الحب الحقيقى يكون واضحا ومؤكدا عندما تكون سعادة وصحة وحياة رفيقك الروحية لها عندك نفس أهمية سعادتك وصحتك وحياتك الروحية , وتسجل كلمة الله لنا هذه الوصية : " أحب قريبك كنفسك " ... فلا يأمرنا بأن نحب أكثر مما نحب أنفسنا ولكن نحب قريبنا وصديقنا وصديقتنا ورفيق زواجنا بالضبط كأنفسنا....
كذلك يساعدنا الوحى المقدس على لسان معلمنا بولس الرسول فى رسالته إلى أهل أفسس على فهم طبيعة هذا الحب أكثر : "كذلك يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم " ( أف 5 : 28 ) , فماذا يعنى بكلمة أن نحب كأجسادنا ؟ يشرحها فى العدد التالى " فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوطة ويربية كما الرب أيضا للكنيسة " ( أف 5 : 29 ) ... هكذا يشرح الرب الحب الحقيقى , إنه يعنى أن " تقوته وتربيه " : تحمى وتعطى السعادة والصحة والنمو الروحى للمحبوب كما تفعل بالضبط لنفسك .... الحب الحقيقى لا يجعل الشاب أو الشابة يضغط على الطرف الآخر ليقترب شيئا خطأ أو خطية لأنه لن يعود عليه بالنفع.
ما أعمق وأدق ما قيل عن تعريف الحب الحقيقى , بإستخدام التعبير الإنجيلى عن الحب بكلمة " أغابى " : " حب الأغابى هو رد فعل غير مشروط تجاه الإنسان ككل , فأنا أحبك بالرغم من كل الضعفات التى أراها فيك.... إنه الأهتمام بسعادة الآخر دون الرغبة فى التحكم فيه أو توقع الشكر منه أو استمتاع من خلاله... بهذا يصل الحب الى درجة الرضا الكامل بالعطاء والبذل , حتى فى الوقت الذى لا يستطيع فيه الآخر التجاوب معه بسبب مرض أو فشل أو حتى لحظة ضعف... إنه الحب الذى يستطيع أن يصلح الروابط التى تقطعت بسبب عدم الأخلاص أو عدم المبالاة أو الغيرة "..
أفضل مثال لهذا النوع من الحب هو حب الله نفسه...
" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " ( يو 3 : 16 )
ما هو الحب إذن ؟ :
سؤال متكرر كثيرا : كيف لى أن أعلم أن ما أختبره الأن هو حب حقيقى ؟....... هذا السؤال مهم جدا بالنسبة لأى شاب .... ومما يجعل الإجابة أكثر أهمية أنه كما يخلط البعض – شبابا وناضجين – بين الحب والشهوة والرومانسية أو الإعجاب والجنس.... الخ , هناك أيضا العديد ممن لا يدركون أنه توجد ثلاث أنواع للحب .... ثلاثة أساليب فى المعاملة تندرج عند هؤلاء تحت بند الحب :
أولا : حب؛لو؛- حب؛إذا؛ - الحب المشروط :
أول نوع من الحب هو الحب الوحيد المعروف تقريبا لدى أغلبية الناس .... يمكننا أن نسمية حب "لو" أو "إذا" .... هذا الحب الذى يضع له أحد الطرفين – شروطا معينة - .... يجب أن تفعل شيئا معينا لتستحق هذا الحب : لو أنت ولد مطيع سوف يحبك والدك .... لو أنت تعرف بشكل معين .... لو أنت حققت توقعاتى....
هذا الحب يقدم فى مقابل شئ يحتاجة المحب , المحرك الأساسى فى الأصل هو الأنانية , وهدفه هو الحصول على شئ مقابل .... هذا الحب يرتبط بشئ فكلما توفرت الشروط المطلوبة صار كل شئ حسنا , ولكن إن اختفى معه الحب !... لقد فشلت العديد من الزيجات لأنها كانت مبنية على هذا النوع من الحب.
ثانيا : الحب "لأن" "السبب":
فى هذا النوع الثانى يختلف الأمر ... يكون هذا الحب لكون المحبوب ذا شئ مميز , أو يملك شيئا أو يعمل شيئا مميزا .... وهذا الحب عادة يعكس موقفا غير معبر عنه , مثلا : أنا أحبك لأنك جميلة ..... أنا أحبك لأنك غنى .... أنا أحبك لأنك تعطينى إحساسا بالأمان .... أنا أحبك لأن " دمك خفيف "..
يبدو هذا الحب جيدا وبدون مشاكل .... نحن نريد أن نحب لما نحن عليه أو لما نحن نفعله , وهذا شئ جميل .... من المؤكد أن هذا النوع أفضل من السابق وأقل مجهودا أو شروطا أو متطلبات للحصول عليه , ولكن المشكلة هى : ماذا يحدث لو ظهر شخص أكثر جمالا أو أكثر ظرفا أو أكثر ثراء ؟ ماذا يحدث عندما تتقدم فى العمر أو تفقد الوظيفة المرموقة ؟ إن كانت هذه هى الأسباب وراء كوننا محبوبين , إذا فهو حب غير دائم و "وقتى" .... وهناك أيضا مشكلة أخرى فى هذا النوع من الحب , لأن لكل منا فى واقع الأمر شخصيات مختلفة : شخصية عامة يعرفها الجميع , وشخصية أخرى " خاصة " دفينة لا يعرفها إلا القليلون , إن كان هناك أحد يعرفها , وهذه الشخصية تخشى أن يعرف الأخر عنها شخصيتها الدفينة فيرفضها .... إذن هذا النوع غير أكيد وغير دائم...
ثالثا : " الحب وبس "... الحب.....:
على الرغم من أن هذا النوع أقل شيوعا لكنه الأكثر جمالا .... إنه حب غير مشروط .... يقول هذا الحب : " إننى أحبك على الرغم مما تكون عليه فى أعماقك ... إننى احبك مهما حدث من تغيرات فيك .... إنك لا تستطيع أن تفعل شيئا من شانه أن يطفئ شعلة الحب فى ... أنا أحبك " وبس "...
هذا ليس حبا أعمى ... فأنت تعرف الكثير عن شخص المحبوب فالرومانسية شئ رائع .... ولكنها .. ليست الحب!... ربما هى جزء منه , ولكنها ليست الحب .. الرومانسية إحساس أو شعور , ولكن الحب يتعدى ذلك بكثير...
3- الحب الحقيقى ليس هو الغرام :
هذا الأحساس هو الشغف بشخص من الجنس الآخر مع كثير من الأهتمام , ولقد وصفت إحدى الكاتبات المتخصصات فى هذا الشأن الإعجاب والافتنان قائلة : " إنه دائما متمركز حول الأنا " أكثر من اتجاهه نحو الآخر ... أنت تخدع نفسك مقنعا أباك أنك مغرم بهذا الشخص الذى تدور حوله أحلامك , وأنك على أتم الأستعداد للتضحية بنفسك فى سبيله .... وفجأة ... فى اليوم التالى مباشرة , تتبخر هذه النشوة عبر الليل ... وتجد نفسك تكن نفس المشاعر ... ولكن تجاه شخص آخر!!
عندما تسمع البعض يتكلمون عن " الوقوع فى الحب " أو " الحب من النظرة الأولى " , فإنهم غالبا ما يتكلمون عن الوله والافتنان , وهذا الإحساس عادة يكون إحساسا غامرا .... ولكنه للأسف .... ليس هو الحب الحقيقى!
4- الحب الحقيقى ليس هو الجنس :
يختلط الأمر على كثير من الشباب , وعلى بعض الناضجين أيضا , بين الأندفاع فى الممارسة الجنسية وعمق الحب ... ولكن واقع الأمر أنهما أمران مختلفان تماما ... فالحب هو منهج حياة , اما الجنس مجرد فعل ... الحب تتعلمه , ولكن الجنس غريزى ... الحب يحتاج رعاية وأنتباه , أما الجنس فلا يحتاج إلا لأدنى مجهود .... الحب يتطلب وقتا لينمو وينضج , أما الجنس فلا يحتاج لذلك ..... الحب يحتاج الى تواصل روحى وعاطفى , أما الجنس فلا يحتاج إلا الى تواصل جسدى ....... الحب يعمق العلاقة , والجنس بمفرده يجعلها باهتة مملة.
لهذا كله فإن الحب ليس هو الشهوة ولا هو الرومانسية أو الغرام او الجنس