في الصباح الباكر انطلق الطفل مارك إلى أبيه الذي حوّل وجهه من ناحية النافذة إليه كعادته، واحتضنه وقبَّله.
- لماذا أراك تتطلع كثيرًا من النافذة في الصباح المبكر يا أبي؟
- إني معجب بالطيور المغردة التي تقف معًا على سلك التليفونات، تُغرد معًا ثم تطير، وكأنها تبدأ صباحها بالتسبيح والفرح لتنطلق للعمل معًا بروح الجماعة.
- ماذا يعجبك أيضًا في هذه الطيور؟ صوتها المنسجم العذب؟!
- أتطلع إليها وهى تغني معًا، كأنه ليس في الكائنات على الأرض أسعد منها.
- وما هو سرّ ذلك؟
- إنها تقف على أسلاك التليفونات لتُثبِّت بمخالبها الصغيرة وقفتها.
بلاشك تحمل هذه الأسلاك أحاديث تليفونية كثيرة تَعْبر من بيت إلى بيت، أو من قرية إلى قرية. تحوي هذه الأحاديث أخبارًا مفرحة أو حزينة... لكن تمر الأخبار تحت أقدام الطيور، ولا تفقد الطيور سلامها الداخلي. إنها تضع قلوبها في يديْ اللَّه، وتثبت أقدامها في طريقه... تتهلل برعايته متطلعة نحو السماء.
عزيزي، ليتك تكون كأحد هذه الطيور تضع أخبار العالم تحت قدميك، تجتاز كما في أسلاك التليفونات، لن تحطم قلبك، ولا تشغل فكرك عن السماء! لتبدأ حياتك بالفرح وتعمل بروح الجماعة فتقضي أيامك كما في السماويات.
هب لي يا رب أن أستقر على كفيك،
أراك بقلبي، وانشغل بالمناجاة معك،
لا أنشغل بأحاديث العالم، ولا ارتبك باهتماماته.
تغني نفسي لك يا شهوة قلبي!