[color=red]هل سمعت عن الحية التي كادت تتجمد من البرد، فضمها مشفق رحيم إلى صدره لتدفأ، وما أن دفئت حتى لدغته لدغة قاتلة، هل سمعت عن العقربة التي توسلت إلى ضفدعة أن تعبر بها النيل على ظهرها، وقالت الضفدعة ولكني أخشى أن تلدغيني، فأجابت العقربة : ولكني أموت غرقًا إذا فعلت هذا، وحملتها الضفدعة وفي منتصف النهر لدغتها، وعندئذ صرخت الضفدعة لماذا تفعلين هكذا! فقالت العقرب : إنها طبيعتي ولو إلى الموت!؟ كان يهوذا الإسخريوطي أشنع من الحية والعقرب وهو يقبل يسوع المسيح!!كانت علامة الغدر المتفق عليها بين يهوذا والذين قبضوا على المسيح، هي القبلة، وأي علامة هذه؟ إنها تحمل أقسى صور الغدر، إن القبلة هي رمز الإنسان في حبه العميق الآخر، هي التعبير الذي تطبعه الأم على وجنتي صغيرها والمحب لحبيبه، والمشوق لمن يريد أن يعبر له عن شوقه! لكنها تحولت عند يهوذا إلى خنجر حاد أغمده في قلب السيد!!وكانت أبشع مظهر للجمود والنكران، قال المسيح ليهوذا... «يا صاحب لماذا جئت»، وأنت تستطيع أن تسمع صرخة الألم العميق في هذا التعبير، بل تستطيع أن تفهم معنى النبوة القديمة القائلة : «آكل خبزي رفع على عقبه» (مز 41 : 9، يو 13 : 18) ... فماذا نحن قائلون عن يسوع المسيح وهو يرى يهوذا يطبع قبلة الغدر على وجنتيه المباركتين! لم يكن له إلا أن يصرخ : «أبقبلة تسلم ابن الإنسان» (لو 22 : 48)!؟هل يمكن للإنسان مهما كان أمره أن يصل إلى هذا الحد من الخيانة والغدر. ان الإنسان من حيث هو إنسان لا يمكن أن يبلغ هذا المبلغ، لكن الإنسان يمكن أن يصل إلى هذا الوضع إذا أضيف إليه الشيطان : «فبعد اللقمة دخله الشيطان» (يو 13 : 27) أيها الإنسان عندما تقبل آخر، تأمل القبلة، هل هي قبلة الحب المقدسة أم قبلة يهوذا الخيانة والغدر؟!